إنه الأديب العربي الفخور بلغته، المعجب بجماله، العاشق للغوص في أعماقها. إنه المثقف المتفتح الذي يحترم ثقافة كل اللغات، الذي يجد في نفسه شيئا من افتقاره للفرنسية منها مع تذمر مما يراه من تعميم استعمالها.

إنه المبتكر الذي أذكر له تدبيره وتحضيره وإخراجه لمسرحيتين رائعتين، إحداهما اجتماعية فكاهية، والثانية تاريخية دينية، قدمتا في الخمسينيات من القرن الماضي على ركح أقيم في فناء مدرسة الحياة ببلدة الشريعة. إنه الناشط المنشط، الذي أذكر له تشجيعه المادي والمعنوي للشباب المحلي على تكوين فرقة الموسيقى العصرية.

إنه الذواق الذي أذكر له ميلا لسماع الموسيقار محمد عبد الوهاب في رائعته (النهر الخالد). إنه الناقد الصريح الذي نصحني بالابتعاد عن هذا لما كتبت ما حسبته شعرا ورآه شعيرا، لا شعرا.

إنه الكريم السخي في السفر، الاجتماعي في الحضر، الهاوي للحديث مع تلاميذه القدامى حول ما كان ينعته بـ ( زمن البراءة ). إنه الودود المطاع الذي أذكر منه دفعا لينا حازما أقعدني وكنت قد قمت استأذن للانصراف مع بعض الزملاء إثر زيارة وجيزة له في بيته.

إنه الخطيب المؤثر، الشامخ المتواضع، الذي أذكر له خلال إحدى خطبه الميدانية، مناجاة الجبال المحيطة بنا، يسألها المعذرة على تجرئه الكلام أمامها، وهي الشامخات التي عرفت أجيالا من العظماء قبله. إنه المبدع الذي أورثنا تراثا لا يُثمّن بكمه، بل يقيم بمحتواه من بلاغة وبعد نظر.

. .

. .